بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 مايو 2020

المسؤولية مشتركة




بعد السلام...


المسؤولية مشتركة

 

 تعلمنا من الحياة أن الأزمات والمواقف تكشف الحقائق، وتتضح الصورة أمام كل الناس إذا كانت الأزمة عامةً وتخصُّ شعبًا بأكمله، من هنا ندرك جيدًا مدى أهمية الوطن، ومدى قدرة الشعب على التفاني والتضحية من أجل الوطن، فالجميع يعلم بالتراجعات الكبيرة التي تحدث في الاقتصاد العالمي والمملكة جزءٌ منه، ومدى تأثير جائحة كورونا على العالم اقتصاديًّا وبشريًّا، وكيف كانت مواقف الدول من شعوبها بسبب هذه الأزمة من البداية وحتى هذه اللحظة، ليس المهم هنا أن ندخل في مقارناتٍ بين ردة الفعل عند كل قرارٍ حكوميٍّ يخصُّ الشعوب، المهم أن نميّز بين القرارات وإمكانيات كل دولة، فالدولة التي تختار الشعب وتقف معه وتضحي بكل مكتسباتها الاقتصادية من أجل سلامته تختلف عن دولةٍ ما زالت تفكر بمَن ستضحي وخسائرها تتفاقم..!

القضية ليست معقدة بهذا القدر، بل هي واضحةٌ، وأكثر وضوحًا حين نتابع كل الخطوات التي قامت بها المملكة من أجل مكافحة هذا الفايروس، والتقليل من أضراره على الناس دون أن تتردد في هذا الجانب، رغم أنها تعلم جيدًا بأن كل تلك القرارات والاحترازات التي نفذت كان لها تأثيرٌ سلبيٌّ كبيرٌ على اقتصاد الدولة؛ لذلك لمسنا من الشعب السعودي عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة اعتزازهم وترحيبهم بكل القرارات، التي ربما تضرر منها البعض على المستوى الشخصي بعد أن فقد جزءًا من دخله الشهري، بعد قرار إيقاف بدل غلاء المعيشة، ورفع نسبة القيمة المضافة من 5% إلى 15%، لكن حين يكون التفكير في الوطن والدولة واستقرارها تذوب وتختفي كل المصالح الخاصة، وتبقى مصلحة الوطن هي العليا .

لم يكن الشعب السعودي في حاجة لأن يثبت ولاءه وانتماءه وحبّه لهذا الوطن، وهذا أمرٌ محسوسٌ وملموسٌ منذ سنواتٍ طويلةٍ، تتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل، ولم نشعر في يومٍ من الأيام بإحساس الخوف أو الاعتراض والتذمر من هذا الشعب العظيم، إذ لديهم ثقةٌ كبيرةٌ بهذا الوطن وبقيادته، هذا الإحساس يقف سدًّا منيعًا ضد كل مَن يحاول أن يستفيد من أي موقفٍ أو أزمةٍ تحدث في السعودية، حتى لو كانت أزمةً عالميةً، فالأحقاد لا تتوقف عند تفاصيل معينة، هي تحضر متى ما اعتقدوا أن الفرصة مواتية للنيل من السعودية الدولة العظيمة، لكن كل تلك الأحقاد تتحطم أمام تماسك هذا الشعب ووعيه وقدرته على فهم كل الأمور مهما كانت متلونة ومعقدة.

إن المملكة العربية السعودية قادرةٌ -بعد توفيق الله- على أن تخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر، وشعب المملكة مدركٌ لكل الظروف التي تحيط بهذه الأزمة، ويقدم كل تعاونٍ في هذا الجانب، حتى على مستوى الانصياع للتعليمات الاحترازية المتمثلة في أوقات المنع لم تكن المخالفات كبيرة، كما يحدث في أماكن كثيرة أخرى خارج المملكة، فالنسبة الأكبر ملتزمون، وهذا الالتزام هو تعبيرٌ صادقٌ عن الإحساس بالوطن، والعمل على تجاوز هذه الأزمة في أقرب وقت إن شاء الله، فالشعوب التي استوعبت خطر هذا الوباء فهمت جيدًا أن تكلفة الوقاية من الأزمات والكوارث 1% من خسائرها إذا وقعت، إذن فإن الوقاية من هذا الوباء بكل السبل المتاحة هو الحل الوحيد لتجاوز الأزمة؛ لذا نجد أنهم أقل تضررًا من الشعوب الأخرى التي لم تفهم خطر هذا الوباء إلا في وقتٍ متأخرٍ، حتى أصبحت الخسائر كبيرة وفظيعة، هنا مؤشرٌ واضحٌ على مدى الارتباط بالوطن من مكان لآخر.

رمضان كريم.. ودمتم بخير.

رابط المقال من صحيفة عكاظ 

 https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2024103



الجمعة، 8 مايو 2020

أمريكا والصين لا يخدمان العالم







جائحة كورونا أفقدت الكثير من الدول أشياء كثيرة في الحياة، من أهمها الناس الذين ماتوا بسبب هذا الوباء والذين تجاوز عددهم 250000 ألف حول العالم، هذا الأمر بحد ذاته صادم جدا لكل إنسان، وقد يصعب التفكير فيه أو حتى مناقشته لمدى تأثيره النفسي على الإنسان.

اليوم هذا الوباء ما زال يواصل خسائره على الصعيد البشري والاقتصادي، وكل الدول التي تفشى فيها هذا الوباء أصبحت تعاني بشكل متفاوت حسب الإمكانات المتاحة في كل دولة، بعض الدول لديها البنية الصحية الجيدة وسارعت باتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية للتقليل من أضرار هذا الوباء، وبعض الدول فشلت فشلا ذريعا في هذا الجانب، والنتائج المرتبطة بعدد الإصابات والوفيات تحدد تلك الدول بالاسم، ولا نحتاج لدراسة تكشف هذا الأمر، والدول الأكثر تضررا مهما بلغ تاريخها ستحتاج في المستقبل إلى مراجعة العمل الصحي في بلدانهم، والعمل على إعادة هيكلته بحيث يكون أكثر قوة وقدرة على مواجهة أي خطر في المستقبل من هذا النوع، كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية مع الدولة التي شاركت في هذه الحرب، فبعد توقف الحرب وزوال خطرها كان النقاش يدور حول تحسين الوضع الصحي لتلك الدول، وعملت تلك الدول على تأسيس عمل صحي جديد ومختلف يكون عونا للجهات المعنية بالحروب، واستمر النظام الصحي من تلك الأيام حتى جاءت جائحة كورونا لتتغير معها كل الاستراتيجيات الصحية المعتمدة في السابق، فالحالة اليوم إن أسميناها حربا بيولوجية فهي ستحتاج لتغيير جذري في كل المفاهيم الصحية في العالم، وأصبح من المهم إحداث هذا التغيير سواء كان الخطر حربيا أو بيولوجيا.

وحتى أكون أكثرا وضوحا في هذا الجانب، جميعنا نتابع حالة التوتر القائمة الآن بين الصين وبعض الدول الكبرى في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وإصرار رئيسها على أن الصين تعمدت الإضرار بالعالم بعد تصنيع هذا الفايروس في معاملها، هذا التوجه في الحديث يقودنا للتفكير في أمرين لا يجب أن نفصل أحدهما عن الآخر، أولهما أن الولايات المتحدة هي أكثر دولة تضررت من هذه الجائحة، وكانت خسائرها البشرية والاقتصادية كبيرة جدا، وفي نفس الوقت هي قد تجد نفسها دون اعتراف علني بهذا الشيء من الدول التي فشلت في السيطرة على هذا الوباء في الوقت المناسب، وهذا ما جعل الرئيس ترمب يرمي باللائمة على الصينيين، ويصف هذا الفايروس بالصيني، قد تختبئ أمريكا خلف هذا الستار حتى لا تعترف بفشلها في إدارة هذه الأزمة، وقد تكون محقة بهذا الاتهام المدعوم بالأدلة والتقارير حسب تصريحاتهم المتتابعة في هذا الشأن، وفي كلا الحالتين فإن استمرار بعض الدول في هذا التوجه الآن لن يفيد في عملية مكافحة هذا الوباء، وكان من المفترض حسب بعض وجهات النظر الأمريكية التركيز على وضع حلول أكبر لتفادي المزيد من الخسائر الاقتصادية والبشرية في الفترة القادمة وترك هذا الملف إلى ما بعد زوال هذا الوباء.

إن المقارنة في هذه الظروف بين الدول أصبحت غير منطقية، فالحالة المرضية والاقتصادية في العالم أصبحت واضحة والنتائج مفاجئة جدا، فدول العالم الأول فشلت فشلا ذريعا في الحفاظ على صحة البشر، بينما الدول النامية كما يصفونها قبل أزمة كورونا كانت الأكثر نجاحا، الأردن تسجل صفراً في حالات الإصابة رغم صعوبة مقارنتها بالدول العظمى.

خطر فايروس كورونا ما زال قائما واتحاد العالم في هذا الوقت للقضاء عليه خطوة إيجابية، سينتج عنها نتائج جيدة تنقذ العالم من خسائر قادمة أكثر قسوة.

رمضان كريم.. ودمتم بخير

سلطان الزايدي

zaidi161@

الجمعة، 1 مايو 2020

الحب عند زيدان وماجد




  يقول نجم فرنسا الأول زين الدين زيدان -حين كان لاعباً: أنا لا ألعب كرة القدم للفوز بجائزة الكرة الذهبية، ألعب كرة القدم لأكون سعيداً،لأنني أحبها وأريد لعب كرة القدم. هذه العبارة التي كان يرددها زين الدين زيدان -مدرب ريال مدريد الحالي ونجمه السابق- تجسّد المعنى الحقيقي للموهبة الحقيقية في عالم كرة القدم، وحالة الاستمتاع التي يشعر بها النجم الموهوب في كرة القدم تفرض نجوميته وتختصر سنوات طويلة من العمل، وقد تعتبر هذه العبقرية في مجال كرة القدم حالة استثنائية، فالعبقرية ليست محصورة في مجال معين أو قدرات فكرية، العبقرية تشمل كل شيء مبهر يصعب وصفه أو الحديث عنه. ففي كرة القدم النجوم الاستثنائيون حول العالم قليلون، وحين نحلل مسيرة كل نجم فيهم على حدة، نجد أن الموهبة الفذّة هي العنصر المشترك بينهم، وهي السبب المباشر في وصوله لهذه المكانة، ولا يمكن أن نصف لاعباً يؤدي عمله داخل الملعب بعد أن يتدرب عليه بالاستثنائي، أو الموهوب، أو بالنجم المستمتع باللعبة ويمتّع غيره، ولو سلّمنا بهذا الأمر لأصبح كل مَن يلعب كرة القدم موهوباً واستثنائياً. لماذا كلما توقفت مسابقات كرة القدم حول العالم بدأ الجمهور يحيي الذكريات، ويتذكرون النجوم الاستثنائيين ليتحدثوا عنهم؟ بدليل ما يحدث اليوم في ظل هذه الجائحة، فالمناقشات الدائرة الآن في العالم أحد محاورها النجم الأرجنتيني الأسطوري «دييغو أرماندو مارادونا»، ونجم البرازيل التاريخي «بيليه» والمقارنة بينهما، لدرجة أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي تجد مشاهدات عالية حين يحضر نقاش كهذا، فالمارادونيون لم يستسلموا، وهم ما زالوا يدافعون عن نجمهم الأسطوري، ويضعونه الأول في قائمة كرة القدم على مرِّ التاريخ، وكذلك أنصار بيليه يفعلون الشيء ذاته، والحقيقة المسلَّم بها من الطرفين بأن الاثنين ظاهرتان كرويتان فريدتان يصعب نسيانهما، كما يحدث الآن بين «ليونيل ميسي» و«كريستيانو رونالدو»؛ لهذا فإن النجم الظاهر الموهوب المميز تجده في كل أحاديثه يتحدث عن حبّه للكرة، وإحساسه بالاستمتاع دون أن يتضجر من ممارستها، المتضجرون هم لاعبون يؤدون عملاً كما يُطلب منهم داخل الملعب. هل «ليونيل ميسي» يكتفي بتأدية دوره المطلوب منه داخل الملعب فقط؟ إن أيَّ متابع بسيط لكرة القدم العالمية سيرفض هذه الفكرة تماماً، ولو كان «ميسي» من هذه النوعية لما أصبح نجم كرة القدم الأول على مستوى العالم. هناك أشياء كثيرة في تاريخ كرة القدم تجعلنا نتوقف عند حديث «زين الدين زيدان»، حديث الاستمتاع والحب لكرة القدم، وكثير من الشواهد ترسّخ هذا الحديث عند كل المتابعين لكرة القدم في العالم، فعلى سبيل المثال وعلى الصعيد المحلي فيما يخص لعبة كرة القدم في السعودية، نجد مع كل توقف للمسابقات الكروية في السعودية والخليج تتجه الناس للحديث عن الأسطورة «ماجد عبدالله»، الذي اعتزل كرة القدم منذ أكثر من ربع قرن، فهل هذا أمر طبيعي؟! نجم يعتزل ويبتعد لسنوات طويلة جدّاً عن الملاعب، ولا يزال يحضر في ذاكرة الرياضيين بشكل مستمر.. لماذا؟ لأن ماجد كان عاشقاً حقيقياً للعبة كرة القدم، وموهبة نادرة لا أظن الزمان يجود بمثلها، فما كان يفعله ماجد في الملاعب لم نجد حتى الآن مَن يملك تلك القدرات الخارقة؛ لذا سيبقى ماجد مهما طال الزمن متصدر المشهد الكروي في السعودية، ما لم يحضر موهوب حقيقي يمتّع الجميع، وينسي كل تلك الأجيال السابقة ماجد عبدالله. كرة القدم لعبة ماتعة حين تجد مَن يمتع ويستمتع بها داخل المستطيل الأخضر. 

 رمضان كريم.. ودمتم بخير 

 نقلا عن عكاظ

في النصر (القرار الأخطر)

      بعد السلام في النصر (القرار الأخطر)     ربما يكون تصريح الم...