بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 مارس 2014

وقَّعت يا ميسي...!

إنَّ عنوان مقالي ليس له علاقةٌ بالنجم العالمي ميسي لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، هي عبارةٌ أطلقها أحد أعضاء الشرف في النصر على النجم خالد الغامدي، الذي أصبح أمر توقيعه مع النصر حديث الجميع، والرواية كما وصلتني ونُشرت في إحدى الصحف: أنَّ الغامدي اتصل بأحد أعضاء الشرف في النصر؛ ليكون عوناً له في مسألة تجديد عقده مع النصر، إلا أنَّ هذا العضو بادرهُ بالعبارة التي عنونتُ بها مقالي... وقَّعت يا ميسي؟ وهي عبارةٌ تهكميَّةٌ تدلّ على التقليل من شأن اللاعب..! ولا أفهم ما الجرم الذي ارتكبه الغامدي في هذا الأمر؟! أمور التعاقدات عرضٌ وطلبٌ، ولكلِّ طرفٍ الحقُّ في القبول أو الرفض ويبقى الودُّ والاحترام سائداً بين جميع الأطراف. خالد الغامدي وغيره من اللاعبين الذين يجيدون الاهتمام بأنفسهم، لهم الحقُّ في تقييم عملهم ووضع القيمة التي تتناسب مع جهدهم وانضباطهم، فهم بالتالي يدركون جيداً أنَّ ما يقومون به من واجباتٍ وإخلاصٍ في العمل يجب أن يقابَل بشيءٍ من التقدير والتضحية من الطرف الآخر، فليس من المعقول أن يحضر لاعبٌ قبل بداية التدريب بساعةٍ، ويؤدّي كلَّ ما يُطلب منه أثناء التمرين ووقت المباريات، ويجيد لغة التحاور دون أن يقحم نفسه في نقاشاتٍ فنيّةٍ أو إداريّةٍ، لا يملك صلاحية التغيير فيها أو التعديل، ثمَّ لا يكون مطلباً لكلِّ الأندية..! هذا النوع من اللاعبين يفهم منهجية الاحتراف، وإن قصَّر في بعض الجوانب يُعتبر أفضل من غيره؛ لأنَّه يُعتبر ملمّاً بالجوانب الأكثر أهميةً، وتساعده على تقديم نفسه كمحترفٍ للعبة، ويفهم أدقَّ جزئياتها، ويحقُّ له من هذا المنطلق الذي يعيشه في حياته الاحترافيَّة أن يتعامل مع المفاوضات بنفس الطريقة، فلماذا نثني على انضباطه بشكلٍ عامٍّ وتقديره لمهنته، ونعتب عليه عندما يتعامل بنفس الأسلوب في المفاوضات لتجديد عقده أو الانتقال لأيّ نادٍ آخر...!؟ ففي ملاعبنا الكثير من النجومٌ، الذين يجمعون بين الموهبة والفكر، ويعرفون جيداً كيف يوظِّفون كلَّ إمكانيَّاتهم بالطريقة التي تجعلهم مقتنعين بقراراتهم. ومن المفترض أن يكون الدعم بشكلٍ مختلفٍ لمثل هؤلاء النجوم، وأن نحترم أسلوبهم في التعاطي مع مستقبلهم، طالما أنَّهم يقدِّمون أنفسهم بشكلٍ احترافيٍّ مميّزٍ، ويجب أن يكون التعامل معه بذات الأسلوب. إنَّنا مازلنا نتعاطى مع الأمور المتعلِّقة بالعقود والعروض بشيءٍ من العاطفة، فعلى سبيل المثال رئيس نادي النصر الأمير "فيصل بن تركي"، يردّد في أكثر من لقاءٍ إعلاميٍّ عبارةً فحواها: (إذا كان الغامدي يريد النصر فنحن نريده)، وهذا الكلام قاله أيضاً عن محمد نور...! فالطرح بهذا الشكل ليس عملاً احترافيّاً أبداً، ويختلف عمّا يحدث في دول العالم المتقدمة في هذه اللعبة، إذ من المفترض إذا كان اللاعب مميزاً، ويخدم الفريق فأنت تقدّم له عرضك، وتنظر لطلباته، أمَّا التوقيع معه إذا كان ما يطلب يتوافق مع إمكانيات النادي، أو ترفض وتترك القرار للاعب، محاولاً تقريب وجهات النظر، فليس للعواطف مكانٌ في مسألةٍ كهذه. في قضية الغامدي مع النصر -وحسب فهمي للموضوع-، اللاعب تعامل مع مستقبله بكلِّ احترافيّةٍ، وقدَّم نفسه بشكلٍ مميّزٍ، ويحقُّ له تأمين مستقبله، ويبدو لي أنَّه يفهم دهاليز التفاوض، ويعي ما يراه مناسباً، ولا ينصاع للضغوط، وأيُّ لاعبٍ آخر في مكانه ربَّما وقَّع مع النصر منذ أن انتهى عقده، لكنَّه يثق جيداً في إمكانياته، ويعلم أنَّه يقدّم نموذجاً احترافيّاً مميّزاً، ويفهم أنَّ سلعته المعروضة مطلوبةٌ في أكثر من مكانٍ؛ لهذا فهو يتعامل بشكلٍ احترافيٍّ، وفق ما أسّس لنفسه إلى أن وصل لهذه الثقة. ومن وجهة نظري يُعتبر "حسن معاذ" لاعب الشباب، أفضل ظهيرٍ أيمن الآن في الدوري السعودي، إذ كان البديل لخالد الغامدي في النصر، فليتركوا الغامدي يرحل دون أن يندموا على رحيله، وغير ذلك ففي ظلِّ ندرة المواهب في خانة الظهير الأيمن، فخالد الغامدي يُعتبر ثاني أفضل ظهيرٍ أيمنٍ في الدوري السعودي، والتوقيع معه مكسبٌ للنصر أولاً وللغامدي ثانياً؛ لأنَّه سيجد مكاناً آخر، وبعرضٍ يوازي أو يفوق عرض النصر، والأندية التي تعاني من ضعفٍ في هذا المركز كثيرةٌ على رأسها الهلال والأهلي، وهي لن تجد صعوبةً في توفير ما يريده الغامدي. وباختصارٍ: إنَّ المحترف الجيد والموهوب، المهتم بنفسه ويؤدي واجباته على أكمل وجهٍ، سيكون نجاحه مضموناً في أيِّ مكانٍ، وسيفرض نفسه مهما كانت الصعوبات، ويبقى التقدير بيد مَن يعي قيمة هذا النجم. ودمتم بخير,،، سلطان الزايدي تويتر @zaidi161

الخميس، 20 مارس 2014

ثلجٌ وجمر

في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن تعاطي المخدرات والكحول والشيشة عند بعض اللاعبين، وهذا أمرٌ في إطاره العام محظورٌ على الجميع في هذه البلد، باستثناء (الشيشة) رغم شدَّة خطرها. والسؤال الذي يتبادر للذهن ويجب مناقشته وإعطائه مساحةً كافيةً: كيف وصلت هذه المحظورات إلى هنا، في ظلِّ هذا الاهتمام من قبل وزارة الداخلية؟ لا أريد أن أصف الأمر وكأنَّه متاحٌ، ولا توجد رقابةٌ مباشرةٌ من جهة الاختصاص، فلو فعلت هذا أكون قد بخست حقَّ كلِّ مَن يعمل في هذا القطاع الحسَّاس والمهم، بدليل آخر عمليَّةٍ استطاعت الداخلية السعودية أن تلقي القبض على مجموعةٍ من المروِّجين حاولوا إدخال شحنة مخدراتٍ بقيمةٍ ماليَّةٍ ضخمةٍ للبلد، وهي الحقيقة التي حذَّر منها الأمير نايف (رحمه الله) عندما قال: بلدنا مستهدَفٌ والمخدرات هي إحدى سبل القضاء على شباب الوطن. العلاج الحقيقيّ للقضاء على هذه الآفة في ملاعبنا ومجتمعنا يحتاج إلى تعاونٍ من الجميع، فالمسؤوليَّة تربويةٌ في المقام الأول، تتمثَّل في سبل تحصين نجومنا وشبابنا وحمايتهم من هذا الشرِّ والوقوع فيه، ولن يحدث هذا إلا عندما نُفعِّل الجوانب الاجتماعيَّة والثقافيَّة للأندية، من خلال عقد الندوات والمحاضرات التي تشرح خطر هذه الآفة على مستقبل اللاعبين، وتدمِّر مواهبهم وقيمتهم الفنيَّة، فالخاسر الأكبر هو اللاعب، وهو المتضرر بفقدانه لوضعه الفني، إلى أن يجد نفسه خارج أسوار النادي. الأمر الآخر والأكثر أهميةً لتوفير الحماية لنجومنا هي المتابعة، فالأندية تتعب كثيراً في البحث عن المواهب، وتدفع من أجل هذا الأمر مبالغ طائلةً حتى ينضج اللاعب ويقدِّم موهبته بشكلٍ جيدٍ. من هذا المنطلق كان من الضروري أن تحمي مصالحها في هذا اللاعب بالمحافظة عليه من الوقوع في منزلق السهر والشيشة والمخدرات. بعض إداريي الأندية عندما تقول له هذا اللاعب يدخّن (الشيشة) لا يعير هذا الأمر أيَّ اهتمامٍ، ويتناسى أنَّ الشيشة والسهر بداية الانحراف للاعب؛ لأنَّه ستكون بسببها علاقاتٌ من ذات الفئة فئة السهر والتدخين، وكما نعرف أن رفقاء السوء لهم دورٌ كبيرٌ في حياة الفرد ومدى تأثيرهم عليه، إلى أن يجد نفسه مدمناً لشرب الكحول بكلِّ أنواعه، لتتوالى سبل الانحراف ووسائله إلى أن يصل لمرحلةٍ تكون فيها العودة إلى لطريق الصحيح صعبةً. أنا هنا لا أرمي المسؤولية كاملةً على اللاعب، بل ،وضِّح أنَّ بعض نجومنا الذين خسرتهم رياضتنا في الكثير من الألعاب الرياضية كانوا ضحية الإهمال وعدم المتابعة. المال مفسدةٌ عندما يجهل صاحبه سبل إنفاقه، ونجومنا اليوم يوقِّعون عقوداً بمبالغ ضخمةٍ في سنٍّ مبكرةٍ، ولكم أن تتخيَّلوا مالاً وفراغاً وقلة وعيٍ ما تصنع بشابٍّ مازال في مقتبل العمر، يتطلَّع لحياةٍ جيدةٍ ومستقرةٍ، يفقد كلَّ هذا بسبب رفقاء السوء. لهذا ومن وجهة نظري، العبء الأكبر في هذا الجانب يقع على عاتق الأسرة ثم الأندية، ولوكيل أعماله أيضاً دورٌ في هذا الجانب، لا يمكن أن تشكِّل متابعة هؤلاء النجوم أيَّ صعوبةٍ، كما يدَّعي بعض الإداريين متى ما كان التعاون مشتركاً بين الجميع، في النهاية مصلحة اللاعب هي الأهمُّ. وطالما أنَّنا أمام حقيقةٍ مسلَّمٍ بها، واعترف فيها المسؤولون في هذا البلد، وتيقّناً من استهداف دولتنا في شبابها، يجب أن نتحرَّك جميعاً في اتجاهٍ واحدٍ؛ من أجل أن نقف يداً واحدةً ضدَّ كلِّ مَن يحاول أن يضر بشباب الوطن، وسبل التعاون في هذا الاتجاه كثيرةٌ تحتاج فقط إلى التنظيم. ودمتم بخير ،،، سلطان الزايدي @zaidi161 تويتر

الجمعة، 14 مارس 2014

كنتُ أظنُّ ..!!

كنتُ أظنُّ ..!! نظر إلى ساعته ثم التفت إلى مساعده وأخبره بأمرٍ ما، لم يكن الأمر واضحاً لي... لكن الرجل كان متجهِّماً، ينظر لساعته بشكلٍ ملفتٍ، عجزت حينها أن أفهم ماذا به، ولماذا كلُّ هذا الضجر؟ اقتربت منه وسألته ما بك يا (كوتش)؟ مالي أراك على هذا الحال؟! أدار وجهه للجهة الأخرى وقال بلغته: لا شيء، زاد فضولي وتطفلي، فأنا لا أخلو من هذا العيب شئتُ أم أبيتُ، تكرر سؤالي على مسامعه، أفصح لي يا (كوتش) ما بك؟ لعلي أكون عوناً لك.. التفت إليَّ وقال: حسناً أنت تبحث عن جوابٍ، وأنا سأجيبك بكلِّ صراحةٍ، لكن فليكن صدرك رحباً ويحتمل ما سأقوله، ولا تغضب، فالأمر يتعلَّق بحياتكم وبرنامجكم اليومي، وكيف تقضون وقتكم في بلدكم، قلت له: لك هذا، قل وأسهب في القول، ثم قال: عندما أتيت لهذه البلد كنت أعتقد أنَّ الوضع لديكم أصبح مختلفاً، وأنَّ الكرة العالمية بكلِّ ظروفها قد انتقلت لملاعبكم، وأنَّ حياة الرياضي المحترف أضحت سمةً من سمات رياضتكم، فأنتم سفراء العرب في المونديالات، وأنتم مَن اخترتم أن تكونوا مختلفين، هذا ما كنت أعتقده فعلاً..! عندما قررت أن أخوض تجربتي الأولى في الخليج، لم أدَّع المثالية أمامك ولم أصور لك شخصية البطل المنقذ...(لا)، أنا حضرت إلى هنا من أجل المال هذا صحيح!، لكن أيضاً أنا مدرِّبٌ لي اسمي، وتاريخي يعرفه العالم بأسره، منذ أن كنت لاعباً حتى أصبحت مدرباً، أنتم يا صديقي لا تعيشون أجواءً رياضيةً سليمةً تساعد على النجاح، ومحترفوكم هم محترفو مالٍ فقط، لا يستطيعون أن يتقمَّصوا دور المحترف المتكامل ولو بعد حين؛ لأسبابٍ كثيرةٍ من أهمها: البدايات لم تكن بالشكل الصحيح، والتأسيس لم يكن جيداً، ومن المؤسف أن نشاهد هذا الكمَّ الكبير من المواهب بهذا الاستهتار..! أقولها لك بصدقٍ، واعذرني إن كان فيما أقول ما يزعجك: أنتم تحبون مَن يقول لكم أحسنتم، وتكرهون مَن يقول الحقيقة، والحقيقة التي أجدها وأشاهدها أنَّ بلدكم تعجُّ بالمواهب، لكن مستوى العناية والمتابعة وطريقة صقل تلك المواهب ضعيف ولا يرتقي إلى إمكانياتكم، لهذا كنت أنظر لساعتي، وأتمتم لمساعدي وأقول له: لا يمكن لنا إصلاح أي شيءٍ في هذا الوقت، فهؤلاء الناس لا ينتظرون على مدربيهم، وشبح الإقالة يطارد أي مدرِّبٍ يحضر إلى هنا؛ لذلك دعنا نتعامل مع الوضع كما هو، نهتم بالجانب الفني، ونترك الجوانب الأخرى لهم، هم أكثر درايةٍ بمواهبهم. ثم أردف قائلاً: سأمكثُ هنا حتى صدور قرار إقالتي، وسيلاحقني إعلامكم بسؤاله المعتاد: مَن أعجبك من اللاعبين في الدوري السعودي، ويستحق أن يذهب معك حيث تذهب؟ وأنا على يقينٍ أنني سأذكر إجابةً تتوافق مع إجابات كلِّ مَن سبقوني، لكنَّ النتيجة ستبقى ثابتةً لن تتغير...! ولو كان هناك بصيص أملٍ في التغير كنا شاهدنا بوادرها على أرض الواقع!. سيبقى لاعبكم المدلل كما هو، يبدأ هنا، وينتهي ها هنا.! طالما أفكاركم لم تتغير، وأسلوب حياتكم لم يطرأ عليه أي تعديلٍ، أنتم نتاج ثقافةٍ انتهى زمنها، ولو بقيتم كما أنتم ستجدون أنفسكم ذات يومٍ خارج حسابات العالم في هذا المجال. افهم حديثي جيداً، وانقله على لساني لـمَن يعنيه الأمر، انهضوا بأنفسكم، وسيروا بالطريق الصحيحة حيث التغيير والتطوير، حتى تصلون إلى المكان الذي يتناسب مع كلِّ ما يتوفَّر لكم من إمكانيات ولا يتوفر لغيركم، لو فعلتم ذلك حتماً ستصلون، وسينظر لكم العالم بكلِّ ثقةٍ واحترامٍ، لستم ضعفاءً أو قليلي حيلةٍ، وتملكون كلَّ أدوات التفوق في كلِّ الاتجاهات، ثقوا بأنفسكم وتعلَّموا من تجارب غيركم، فالعالم رحبٌ يتَّسع للجميع بشرط أن تكونوا في مستوى المنافسة. توقَّف الرجل عن الحديث للحظةٍ، وأدخل يديه في سترته، وعضَّ على شفتيه، وقال بلغته: (أنا غاضبٌ)، وإن استمر الحديث بيننا في هذا الشأن سأنفعل أكثر، فهل تمضي في شأنك وتتركني؟ ابتسمت له وقلت: على رسلك يا (كوتش)، أهل الشأن لم يغضبوا من حالهم، فهوِّن عليك، ستقبض منهم ما جئت من أجله، وسيستمعون لنصحك، ثم ترحل، وهم سيعودون لذات المربع. الآن يا صديقي سأتركك وأمضي، لكن أريدك أن تفهم شيئاً واحداً: ليس في حديثك ما يجعلني أغضب منك، فالحقيقة لا تُغضب العقلاء... إلى اللقاء. سلطان الزايدي Zaidi161@hotmail.com

الثلاثاء، 11 مارس 2014

أكشن والإعلام الشعبوي

يتردَّد على مسامعنا بشكلٍ مستمرٍّ عبارةٌ نشطةٌ من لسان بعض نجوم السينما في مصر (المخرج عاوز كده). ولو نظرنا لواقعيَّة هذه العبارة ومرَّرناها على كلِّ مواد الإعلام، ستجدها قريبةً بنسبةٍ كبيرةٍ للواقع، فالإعلام المرئي هو جزءٌ من هذه العبارة، وبقليلٍ من التوضيح والتمحيص، ستجد أنَّ المقارنة بين نجوم التمثيل وبعض البرامج الحوارية، فيما يذهبون له من وحي هذه الجملة، سيلتقون في النهاية على مدى قوة الإثارة والجدل، وأي مخرجٍ أو مُنفِّذٍ لبرنامجٍ معيَّنٍ أو فيلمٍ سينمائي يبحث عن نسبة مشاهدةٍ كبيرةٍ، وهذا الأمر بالنسبة له هو النجاح والمقياس الحقيقي في نسبة المتابعة، فهو يدرك جيداً أنَّه في خضمِّ منافسةٍ شرسةٍ لا تقبل الهدوء، إما أن تصنع اسماً يكثر رواجه في المجتمع، أو أن تبتعد بكلِّ ما تملك من أدواتٍ فنيَّةٍ وذهنيَّةٍ وتقنيةٍ عن المشهد برمَّته، وتبحث عن فكرةٍ أخرى، خصوصاً أنّ الأفكار الإبداعية في البرامج التلفزيونية لم تعد بتلك الغزارة، والـمُشاهد لا يعنيه من البرامج الحوارية سوى ما يشدُّه من إثارةٍ وصخبٍ، وهذا لن يتحقق إلا من خلال مادةٍ إعلاميةٍ صحافيةٍ مناسبةٍ يكثر حولها الجدل والنقاش غير المنتهي، مع احتفاظ الجميع بوجهة نظره، وهذا الأمر سيكون انعكاسه على المشاهد إيجابيّاً بالنسبة للبرنامج، ومن ثم للمحطة الناقلة لهذا البرنامج. والأمثلة في هذا الشأن كثيرةٌ، فعلى سبيل المثال نشرت إحدى الصحف العربية خبراً على محطة (سي إن إن) يتضمن: "نيتها في إيقاف برنامج المذيع الإنجليزي بيرس مورغان بعد ثلاثة أعوام فقط من بدايته"؛ لأنَّ البرنامج لم يحقق نسبة المشاهدة المطلوبة، وليس بمقدوره منافسة البرامج الحوارية التي تبثُّ في الوقت ذاته على محطاتٍ منافسةٍ، هذا المثال يؤكِّد أنَّ القاعدة الأساسية في البرامج التلفزيونية والحوارية بالذات، قد تلغي كلَّ شيءٍ، ولا يعني لها أن يحافظ البرنامج على المبادئ الصحافية العريقة، طالما أنها لن تقدم له النجاح المطلوب، ولن تستطيع أن تجعله يفي بالتزاماته المالية تجاه العاملين بالقناة أو البرنامج. وفي تصوُّري أنَّ المراهنة على مثل هذه المبادئ والأعراف الصحافية لن يكون ذا فائدةٍ، في ظلِّ هذا التطور التقني والمعلوماتي، فلغة المال هي الأقوى، وحتى يتحقق الربح الوفير من المال فالخيارات قد تكون محدودةً جداً، وبالتأكيد ستكون بعيدةً عن الأسلوب النمطي المعتاد المحكوم بمبادئ معينةٍ. إنَّ الإعلام الرياضي هو جزءٌ من هذا المفهوم العام للإعلام في كل العالم، ولا يمكن عزله بأي حالٍ من الأحوال، فالبرامج الرياضية المتلفزة تسير على ذات النهج والسياق، وتنظر لنجاحها من خلال قوة استمرارها في المنافسة، فالعدد الكبير من البرامج الحوارية الكثيرة التي تشهدها منطقة الخليج، وتتجه ببوصلتها للأحداث الرياضية السعودية تفرض على الجميع أن يكونوا في مستوى المنافسة، وتحقق نسب مشاهدةٍ عاليةٍ، وفق الإدارة المعنية بتنظيم هذا البرنامج من إعدادٍ وتقديمٍ وإخراجٍ. هذه العناصر هي الإطار العام للبرنامج، وهي أدواتٌ مساعدةٌ للنجاح، لكنَّ النجاح الحقيقي وفق ما يحدث من منافسةٍ هو القدرة على بثِّ حواراتٍ مليئةٍ بالصخب والإثارة والصدام الإيديولوجي، الذي يصل في أوقاتٍ كثيرةٍ إلى الهجوم والتجريح الشخصي، كما يحدث مع بعض ضيوف برنامج "أكشن يا دوري"، والذي يقدِّمه وليد الفراج، وهو يدرك جيداً، وأعني هنا مقدِّم البرنامج (وليد الفراج)، أنَّ ما يقدمه ليس صحافةً حقيقيةً، لو أخذنا بكل مفاهيم الصحافة وتعريفاتها، إلا أنَّ الأخ وليد يعلم يقيناً أنَّ الإعلام الحديث، وبالتحديد البرامج الحوارية نجاحها يعتمد في المقام الأول على أنماطٍ معينةٍ من الإعلام، وقد يكون الإعلام الشعبوي هو ما يريده الفراج؛ لنجاح برنامجه الذي يُعرض على قناةٍ تجاريَّةٍ، بالكاد تكون متابعةً قبل أن يقدِّم من خلالها برنامجه "أكشن يا دوري"، فاليوم تُعتبر هذه المحطة من المحطات الناجحة كمحطةٍ من ضمن مجموعة محطات الـ (إم بي سي). واليوم لا يمكن بعد أن تغيَّر الفكر في إعلامنا الرياضي، وأصبح يفكِّر بطريقةٍ مختلفةٍ يهدف للنجاح فقط دون النظر لأيِّ اعتباراتٍ أخرى، مهما بلغت أهميتها. والحصيف الرزين مَن يأخذ المفيد، ويبتعد عن الغثِّ مهما بلغ سمنه؛ حتى يحتفظ لنفسه بالتوازن الذهني المرتبط بالعاطفة دون أن يدخل في جدلياتٍ، تجعل منه الخاسر الأكبر في سياسة الإعلام الشعبوي. ودمتم بخير سلطان الزايدي Zaidi161@hotmail.com

الجمعة، 7 مارس 2014

غامديُّ النصرِ (أنموذج)

في ملاعبنا نجومٌ تشعر للوهلة الأولى من ظهورهم في المشهد الرياضي أنَّهم نجومٌ مختلفون في كلِّ شيءٍ، في فكرهم وأخلاقهم وطريقة تعاملهم مع موهبتهم التي منحها الله تعالى لهم، تجدهم يميِّزون الطريق الصحيح في المحافظة على تطوير أنفسهم، ويضعون لهم أهدافاً واضحةً، يسعون جاهدين لتحقيقها خلال فترة تواجدهم في الملاعب، وحتى بعد الاعتزال، وهذه النوعيَّة من النجوم ليسوا قلَّةً بل هم كثيرون، خصوصاً في هذا الوقت الذي بدا فيه اللاعب أكثر وعياً وإدراكاً من وقتٍ مضى، والنماذج كثيرةٌ يصعب حصرها في مقالٍ واحدٍ. قال نجم النصر المتميِّز "خالد الغامدي"، عندما سُئل عن تجديد عقده: (لا أتوقَّع الاختلاف مع النصر، ولكن يجب أن أؤمِّن مستقبلي)، هذا الحديث يدلُّ على أنَّ اللاعب يفكِّر أولاً في تأمين مستقبله، بعدما قدَّم موهبته وانضباطه وحرصه على نفسه، كنموذجٍ جيِّدٍ يعطيه الفرصة لوضع اشتراطاتٍ معيَّنةٍ، تمنحه فرصة مناقشة عقده على طاولة المفاوضات دون حرجٍ، فإن فشل بالحسم مع ناديه سيجد فرصته في مكانٍ آخر؛ لأنَّه -بالمختصر المفيد- عمل كلَّ الفترة الماضية على أن يكون هو صاحب القرار في تحديد مصيره؛ لهذا من المهمِّ أن يدرك أيُّ لاعب كرة قدمٍ، عندما يقرِّر أن يجعل من هذه اللعبة مصدر رزقٍ له، كيف يتعامل مع ضوابط هذا المصدر حتى يستطيع أن يؤمِّن مستقبله؟. خالد الغامدي ومثله كثيرون، يفهمون أن الفترة الزمنيَّة لممارسة الكرة قصيرةٌ لا تتجاوز بضع سنواتٍ، والعمل على الاستفادة بشكلٍ كبيرٍ من هذه الفترة هو السبيل الوحيد من أجل تحقيق حياةٍ جيِّدةٍ وكريمةٍ في المستقبل، وإن انتهت هذه الفترة ولم يصنع لنفسه شيئاً، سيجد نفسه بعد ترك الكرة يتسوَّل أو ينتظر مَن يعطف عليه ولو بجزءٍ يسيرٍ من المال...! والـمُشاهَد في حياتنا الرياضيَّة منذ أن ظهر الاحتراف، وحتى ما قبل الاحتراف كثيرة، ووسائل الإعلام تغصُّ بالنجوم المعتزلين، الذين يتردَّدون على بعض وسائل الإعلام يتوسَّلون أهل الخير أو الرئاسة العامَّة لرعاية الشباب، حتى ينظروا في حالهم مردِّدين الديباجة المعتادة: نحن خدمنا الوطن من خلال الرياضة، وحالنا اليوم لا يتناسب مع ما قدَّمناه، إلى أن يتحوَّل الأمر إلى عرفانٍ وردِّ جميلٍ من قبل الدولة أو النادي الذي كان يلعب فيه. في ملاعبنا اليوم نجومٌ مميَّزون، صغارٌ في السنِّ، كان لبزوغ نجمهم وتوهُّجهم صدًى كبيرٌ في الساحة الرياضيَّة، فبعد أن تمكَّنوا من فرض شروطهم، وتوقيع عقودٍ باهظة الثمن تراجعت مستوياتهم حتى أصبحوا خارج القائمة الأساسيَّة لفرقهم؛ وذلك لأنَّهم انساقوا خلف المال، وأصبحت وفرته في أيديهم نقمة إحراجهم وإخراجهم من الجوِّ الطبيعيِّ لموهبتهم. وحتى لا أدخل في ذكر أسماءٍ معيَّنةٍ، يمكن لأيِّ رياضيٍّ متابعٍ أن يتساءل عن بعض النجوم الذين بزغ نجمهم ثم أفل، بعد ما كان يُتنبَّأ لهم بمستقبلٍ جيدٍ، اليوم هم خارج الحسابات...! وبعضهم تسعى أنديتهم للتخلُّص منهم بأيِّ شكلٍ، فالأمر لم يعد يخفى على أحدٍ. أمَّا المميَّز يصاحب ظهوره في الساحة الرياضيَّة ضجَّةٌ كبيرةٌ؛ لأنَّ الجماهير تنظر له بنظرةٍ مختلفةٍ، وعندما يختفي يفهم الجمهور أنَّ نجمهم قد غيَّر مساره، بعد أن وجد مساراً آخر أقلَّ جهداً وأكثر راحةً من الانضباط، الذي كان من المفترض أن يحافظ عليه حتى يستمرَّ نجماً. لهذا من الواجب أن تقوم الأندية ووكلاء اللاعبين بدور الحماية، وذلك بالتوجيه والإرشاد والدعم، ويصبح هذا الأمر من الأولويات مع وضع محفِّزاتٍ وعقوباتٍ في وقتٍ واحدٍ، بنصوصٍ واضحةٍ وصريحةٍ في عقودهم. فالمحافظة على النجوم أمرٌ في غاية الصعوبة، والبداية يجب أن تكون من اللاعب نفسه، فهو المسؤول الأول عن وضعه ومدى استمراريّته في الملاعب، وهذا لن يتمَّ إلا من خلال التأسيس النفسي والتثقيف متزامناً مع التأسيس الفني للاعب، ولا أعتقد أنَّنا في أنديتنا لا نستطيع أن نسير بنجومنا بهذا الاتجاه وفي خطٍّ متوازنٍ، هدفه الأساسي المحافظة على نجومنا فترةً زمنيَّةً طويلةً. حسين عبد الغني ومحمد الشلهوب وسعود كريري، نماذج جيدةٌ في ملاعبنا، والتحاور معهم والاستفادة من تجربتهم أمرٌ في غاية الأهميَّة، فهم القدوة الحسنة، وبالتأكيد سيكون لهم فائدةٌ كبيرةٌ، لكلِّ لاعبٍ يريد أن يصنع لنفسه تاريخاً مميَّزاً، يكون عوناً له في حياته حتى بعد الاعتزال، إذا ما أراد أن يخوض تجربةً جديدةً في ذات المجال، كالتدريب أو العمل الإداري، أو يخوض تجربةً جديدةً في المجال الإعلامي، فهم بانضباطهم وفكرهم يملكون كلَّ عناصر التفوُّق، وهذا يعود إلى مدى حرصهم واهتمامهم بكلِّ ما يُضاف إلى مسيرتهم الرياضيَّة. ودمتم بخير،، سلطان الزايدي Zaidi161@hotmail.com

في النصر (القرار الأخطر)

      بعد السلام في النصر (القرار الأخطر)     ربما يكون تصريح الم...