بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 مارس 2014

غامديُّ النصرِ (أنموذج)

في ملاعبنا نجومٌ تشعر للوهلة الأولى من ظهورهم في المشهد الرياضي أنَّهم نجومٌ مختلفون في كلِّ شيءٍ، في فكرهم وأخلاقهم وطريقة تعاملهم مع موهبتهم التي منحها الله تعالى لهم، تجدهم يميِّزون الطريق الصحيح في المحافظة على تطوير أنفسهم، ويضعون لهم أهدافاً واضحةً، يسعون جاهدين لتحقيقها خلال فترة تواجدهم في الملاعب، وحتى بعد الاعتزال، وهذه النوعيَّة من النجوم ليسوا قلَّةً بل هم كثيرون، خصوصاً في هذا الوقت الذي بدا فيه اللاعب أكثر وعياً وإدراكاً من وقتٍ مضى، والنماذج كثيرةٌ يصعب حصرها في مقالٍ واحدٍ. قال نجم النصر المتميِّز "خالد الغامدي"، عندما سُئل عن تجديد عقده: (لا أتوقَّع الاختلاف مع النصر، ولكن يجب أن أؤمِّن مستقبلي)، هذا الحديث يدلُّ على أنَّ اللاعب يفكِّر أولاً في تأمين مستقبله، بعدما قدَّم موهبته وانضباطه وحرصه على نفسه، كنموذجٍ جيِّدٍ يعطيه الفرصة لوضع اشتراطاتٍ معيَّنةٍ، تمنحه فرصة مناقشة عقده على طاولة المفاوضات دون حرجٍ، فإن فشل بالحسم مع ناديه سيجد فرصته في مكانٍ آخر؛ لأنَّه -بالمختصر المفيد- عمل كلَّ الفترة الماضية على أن يكون هو صاحب القرار في تحديد مصيره؛ لهذا من المهمِّ أن يدرك أيُّ لاعب كرة قدمٍ، عندما يقرِّر أن يجعل من هذه اللعبة مصدر رزقٍ له، كيف يتعامل مع ضوابط هذا المصدر حتى يستطيع أن يؤمِّن مستقبله؟. خالد الغامدي ومثله كثيرون، يفهمون أن الفترة الزمنيَّة لممارسة الكرة قصيرةٌ لا تتجاوز بضع سنواتٍ، والعمل على الاستفادة بشكلٍ كبيرٍ من هذه الفترة هو السبيل الوحيد من أجل تحقيق حياةٍ جيِّدةٍ وكريمةٍ في المستقبل، وإن انتهت هذه الفترة ولم يصنع لنفسه شيئاً، سيجد نفسه بعد ترك الكرة يتسوَّل أو ينتظر مَن يعطف عليه ولو بجزءٍ يسيرٍ من المال...! والـمُشاهَد في حياتنا الرياضيَّة منذ أن ظهر الاحتراف، وحتى ما قبل الاحتراف كثيرة، ووسائل الإعلام تغصُّ بالنجوم المعتزلين، الذين يتردَّدون على بعض وسائل الإعلام يتوسَّلون أهل الخير أو الرئاسة العامَّة لرعاية الشباب، حتى ينظروا في حالهم مردِّدين الديباجة المعتادة: نحن خدمنا الوطن من خلال الرياضة، وحالنا اليوم لا يتناسب مع ما قدَّمناه، إلى أن يتحوَّل الأمر إلى عرفانٍ وردِّ جميلٍ من قبل الدولة أو النادي الذي كان يلعب فيه. في ملاعبنا اليوم نجومٌ مميَّزون، صغارٌ في السنِّ، كان لبزوغ نجمهم وتوهُّجهم صدًى كبيرٌ في الساحة الرياضيَّة، فبعد أن تمكَّنوا من فرض شروطهم، وتوقيع عقودٍ باهظة الثمن تراجعت مستوياتهم حتى أصبحوا خارج القائمة الأساسيَّة لفرقهم؛ وذلك لأنَّهم انساقوا خلف المال، وأصبحت وفرته في أيديهم نقمة إحراجهم وإخراجهم من الجوِّ الطبيعيِّ لموهبتهم. وحتى لا أدخل في ذكر أسماءٍ معيَّنةٍ، يمكن لأيِّ رياضيٍّ متابعٍ أن يتساءل عن بعض النجوم الذين بزغ نجمهم ثم أفل، بعد ما كان يُتنبَّأ لهم بمستقبلٍ جيدٍ، اليوم هم خارج الحسابات...! وبعضهم تسعى أنديتهم للتخلُّص منهم بأيِّ شكلٍ، فالأمر لم يعد يخفى على أحدٍ. أمَّا المميَّز يصاحب ظهوره في الساحة الرياضيَّة ضجَّةٌ كبيرةٌ؛ لأنَّ الجماهير تنظر له بنظرةٍ مختلفةٍ، وعندما يختفي يفهم الجمهور أنَّ نجمهم قد غيَّر مساره، بعد أن وجد مساراً آخر أقلَّ جهداً وأكثر راحةً من الانضباط، الذي كان من المفترض أن يحافظ عليه حتى يستمرَّ نجماً. لهذا من الواجب أن تقوم الأندية ووكلاء اللاعبين بدور الحماية، وذلك بالتوجيه والإرشاد والدعم، ويصبح هذا الأمر من الأولويات مع وضع محفِّزاتٍ وعقوباتٍ في وقتٍ واحدٍ، بنصوصٍ واضحةٍ وصريحةٍ في عقودهم. فالمحافظة على النجوم أمرٌ في غاية الصعوبة، والبداية يجب أن تكون من اللاعب نفسه، فهو المسؤول الأول عن وضعه ومدى استمراريّته في الملاعب، وهذا لن يتمَّ إلا من خلال التأسيس النفسي والتثقيف متزامناً مع التأسيس الفني للاعب، ولا أعتقد أنَّنا في أنديتنا لا نستطيع أن نسير بنجومنا بهذا الاتجاه وفي خطٍّ متوازنٍ، هدفه الأساسي المحافظة على نجومنا فترةً زمنيَّةً طويلةً. حسين عبد الغني ومحمد الشلهوب وسعود كريري، نماذج جيدةٌ في ملاعبنا، والتحاور معهم والاستفادة من تجربتهم أمرٌ في غاية الأهميَّة، فهم القدوة الحسنة، وبالتأكيد سيكون لهم فائدةٌ كبيرةٌ، لكلِّ لاعبٍ يريد أن يصنع لنفسه تاريخاً مميَّزاً، يكون عوناً له في حياته حتى بعد الاعتزال، إذا ما أراد أن يخوض تجربةً جديدةً في ذات المجال، كالتدريب أو العمل الإداري، أو يخوض تجربةً جديدةً في المجال الإعلامي، فهم بانضباطهم وفكرهم يملكون كلَّ عناصر التفوُّق، وهذا يعود إلى مدى حرصهم واهتمامهم بكلِّ ما يُضاف إلى مسيرتهم الرياضيَّة. ودمتم بخير،، سلطان الزايدي Zaidi161@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

في النصر (القرار الأخطر)

      بعد السلام في النصر (القرار الأخطر)     ربما يكون تصريح الم...