بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

"الاعتذار" ثقافة وتحضر

من الأخلاقيات المهمة التي يجب أن نعمل على ترسيخها في مجتمعنا "الاعتذار" عند الخطأ؛ إذ إنه من طبيعة النفس البشرية الخطأ، إلا أن بعضهم يجد في هذا الأمر غضاضةً وحرجًا كبيرين، عندما يصدر منه خطأ أو إساءة في حق الآخرين، إما عن جهل أو تكبّر. غير أن التربية الحسنة، المبنية على أسس صحيحة مستمدة من ديننا الحنيف، تفرض عليه أن يبادر بـ"الاعتذار"، حفاظا على أواصر المحبة والإخاء لمجتمع هو في أساسه يحث على هذه الأخلاقيات. فنحن في مجتمع منّ الله عليه بالإسلام كدين اصطفاه الله لنفسه واختاره لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ليكون آخر الأديان السماوية، ورسالة شاملة عامه لهداية وسعادة سائر الخلق. كثيرًا ما يحدث في حياتنا اليومية تصادمات، سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى العام، وذلك بسبب ضغوط الحياة، أو ربما بسبب مواقف لم تكن جيده، نتيجةً لبعض السلوكيات الخاطئة التي تميل إلى الحماقة وعدم المبالاة في تقدير الأمور التقدير المناسب. وكلها أمور تحتاج منا إلى صبر وحكمة عند مواجهتها؛ لاختيار الطريق الأنسب حتى يتم تجاوزها وفق مبادئ الحق والعدل، والبعد عن الغوغائية في ردة الفعل. وهنا، ومن خلال هذه المواقف الحياتية، نستطيع أن نميز بين العقلاء ممن لديهم قدرة عالية على ضبط النفس، ومقدرة حقيقية على العودة للصواب.. عن غيرهم من سائر البشر . "الاعتذار" يمثل مدى رقي الإنسان وتحضره، ويعكس مدى ثقته بنفسه. ما سبق يمكن ربطه بالأحداث التي وقعت مع نهاية مباراة الاتحاد والأهلي، في دور الأربعة في البطولة الأسيوية، وتحديدا من قبل اللاعب إبراهيم هزازي.. فما قام به من سلوك لا يمكن قبوله منه البتة.. مهما كانت الظروف المحيطة به. منظر "الرفس" والركل بتلك الصورة الرعناء لا يمت للروح الرياضية ولا لأهداف الرياضة بصلة. وأكثر ما هو مزعج في الأمر -من وجهة نظري- أن إبراهيم هزازي أكمل ما بدأه من سلوكيات بتصريحاتٍ أيضًا فيها خروج عن العقل والمنطق والأخلاق الرياضية، وكان عليه أن يبادر بـ"الاعتذار" على ما بدر منه، لا أن يتمادى في الموقف، ويصوره للمتابعين بأنه تعرض لظلم شديد، وأن هناك مؤامرةً واقعةً عليه من قبل إدارة الأهلي، فلم يكن حديثه المتشنج، ذلك البعيد عن الروح الرياضية، إلا إكمالا لمسلسل التجاوزات التي سلكها أثناء وبعد المباراة ..! إبراهيم هزازي يفتقد لمعانٍ كثيرة تُرسخها الرياضة، ويفتقد سلوكياتٍ يجب أن تكون من ضمن تدريبه اليومي؛ فاللاعب لا يستطيع أن يميز بين الهواية والعمل، بمعنى أن وجوده في الفريق ليس لممارسة لعبة تستهويه. وجوده إنما هو لأداء عمل يتقاضى عليه أجرًا، فإن أدى عمله بالشكل المطلوب كان عمله مميزا، ووجد التقدير والشكر، وإن خرج عمله في بعض جزئياته عن المأمول فإنه بذلك يكون مقصرا، وتجب محاسبته بشكل علني، حتى يتعلم من أخطائه ويكون درسًا للجميع. إن في هذا التصرف تحديدا وهذا السلوك المخجل .. لم يكن إبراهيم مؤديًا بالشكل المطلوب لواجباته التي تتطلبها مهنته كلاعب كرة قدم، ولم يكن للتربية والأخلاق الرياضية أي دور حتى تردعه، ففاقد الشيء لا يعطيه. جميع الأحداث التي حدثت في لقاء الأهلي والاتحاد في بطولة آسيا، انعكست على مباراتهم في الفئات السنية ؛ فقد صاحب لقاء الاتحاد والأهلي على نهائي كأس الاتحاد السعودي للناشئين أحداثٌ مؤسفة، وهي أكثر إيلامًا مما حدث بين الفريقين على مستوى الفريق الأول. وصعوبتها تكمن في أنها حدثت بين ناشئين، اعتقدوا أن ما يفعلونه من سوء تصرف أمرٌ مألوف وطبيعي؛ فقد كان كبارهم بالأمس يفعلون الشيء ذاته؛ فالصغار يتعلمون من الكبار، ويجدون فيهم القدوة الحسنة نظرا لنجوميتهم ..!! إبراهيم هزازي، ومن هم على شاكلته من اللاعبين، يجب ألا يترك لهم المجال لممارسة مثل هذه السلوكيات. لدينا جيل نريد أن نعلمه ونغرس فيه الأخلاق والروح الرياضية، ونزرع فيه ثقافة "الاعتذار".. كل هذا بعيدًا عما يعكر صفو الرياضة، ويخرجها عن إطارها ومسارها الجميل، وغايتها النبيلة في تربية الأجيال وترسيخ روح المنافسة الشريفة. لهذا كله وددت أن أقول: إننا محتاجون في أنديتنا لمن يعمل على توجيه اللاعبين، في كل المراحل السنية، على ضبط النفس، وأداء الدور المناط بهم بكل ضوابطه الفنية والسلوكية. وإذا حدث أي تجاوز تكون المبادرة بـ"الاعتذار" هي ديدننا وسلوكنا المحبب للنفس حتى لا نخرج برياضتنا عن منحاها إلى منحى اخر بعيد عن الروح الرياضية . ودمتم بخير .. سلطان الزايدي Zaidi161@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

في النصر (القرار الأخطر)

      بعد السلام في النصر (القرار الأخطر)     ربما يكون تصريح الم...