بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 أبريل 2014

الأندية والإدارة وكرة القدم

يرتبط النجاح في الإدارة الرياضيَّة في الدول المتقدمة، والتي لها باعٌ طويلٌ في المجال الرياضي، بعدَّة عناصر، وليس بالضرورة جميع العناصر واضحةٌ للمتابع الرياضي، لكن هي بالتأكيد واضحةٌ للهيئة الإدارية التي وضعت الخطط الإستراتيجيَّة ورسمت أهدافها المستقبليَّة، لهذا هم في تلك الدول أقلُّ انفعالا ً وانفلاتاً على الصعيد الجماهيري في اعتراضهم على السياسات الإدارية، ولا تجد مَن يطالب برحيل إدارةٍ أو إعفاء عضو من منصبه طالما أنَّ أخطاءه غير واضحةٍ، بل هم في كثيرٍ من الأحيان يسعون جاهدين لدعم هذا الاستقرار الإداري، ويرون أنَّ الدعم هو الخيار الأنسب حتى تتحقق الأهداف الإدارية، والمعيار الحقيقي لديهم هي النتائج بشكلٍ عامٍّ، والاختلاف بين الدول المتقدمة رياضياً وغيرهم من الدول في معيار النجاح فقط. في العالم العربي -وتحديداً في السعودية-، لا يمكن قبول فكرة الإخفاق أو حتى التعاطي معها بأيِّ شكلٍ من الأشكال، فيكون المطلب الرئيسي استقالة الإدارة، الشيء الآخر والمهمُّ أنَّ فكرة الإخفاق مرتبطةٌ بشكلٍ مباشرٍ وقطعيٍّ بالفريق الأول لكرة القدم في النادي، وهذا بالتأكيد من المعضلات الحقيقيَّة التي تواجه الرياضة السعودية منذ سنواتٍ مضت، وهذا المفهوم نتاج ثقافةٍ ترسَّخت منذ زمنٍ حتى أصبح نجاح النادي أو عدمه مرتبطٌ بفريق كرة القدم، دون النظر للمحصلة النهائية لإنجازات النادي ومكتسباته الفنية والاستثمارية..! لا أظنُّ أنَّني سبق وأن سمعت رئيس نادٍ في يومٍ من الأيام أعلن عن خططاً عامةً للنادي أو استراتيجياتٍ شاملةً تخدم النادي من جميع النواحي الفنية والاستثمارية، كلُّ ما يحدث هو حديثٌ عن فريق كرة القدم للنادي فقط، ولم أجد رئيساً جادّاً يخوض في هذا المعترك، بمعنى لم يظهر رئيس نادٍ قال: هذا الموسم سيكون التركيز على الجوانب الاستثمارية للنادي، ودراسة سبل زيادة مداخيل النادي بمشاركة كلِّ الألعاب في النادي ...! نحن في رياضتنا لا نجد الفكر الإداري الذي يُعطى الفرصة لإعادة صياغة الإدارة الرياضية، وتغيير مفهومها؛ لأنَّنا لم نهيئ الأرضية الخصبة الداعمة للعمل الإداري، الذي من المفترض أن يُعمل به، وهذا خطأٌ كبيرٌ، فالرئيس الذي لا يحقق إنجازاتٍ على مستوى كرة القدم للفريق الأول لن تكون فكرة استمراره في رئاسة النادي جيدةً أمام الجماهير، وسيضطر لمغادرة كرسي الرئاسة استجابةً لرغبة الجماهير، حتى وإن حقّق عوائداً استثماريةً ضخمةً تخدم النادي لسنوات، فالجمهور يريد بطولاتٍ، ووقوفه في المدرَّج من أجل فريق كرة القدم، وأيُّ إنجازاتٍ أخرى مهما بلغت قيمتها وفائدتها لا تعني له شيئاً، والأمثلة في هذا الجانب كثيرةٌ. رئيس النصر في بداية ولايته خرج مَن يطالب باستقالته، وكثرت الأصوات في كلِّ المواسم التي تلت تولّيه، ولم يكن يعني لهم أنَّه يجهّز فريقاً أو يرتب منظومةً إداريةً يتوفّر لها كلُّ شيءٍ مستقبلاً، كان هدفهم نتائج فوريةً سريعةً، وكان قاب قوسين أو أدنى من أن ينسحب من المشهد برمَّته. اليوم رئيس النصر هو البطل الهمام؛ لأنَّه حقق بطولتين في كرة القدم للفريق الأول فقط، ولم يُحضر مع تلك البطولتين أيَّ منجزٍ آخر على الصعيد الاستثماري أو الرياضي في بقية الألعاب الأخرى، إلاَّ أنَّه يعتبر من خلال هذه الثقافة السائدة في رياضتنا إدارياً ناجحاً بكلِّ المقاييس، بينما في تصوري: أنَّ التقييم الحقيقي لأيِّ رئيسٍ يكون خلال فترةٍ رئاسيَّةٍ كاملةٍ، تعتمد على عدَّة محاور، حتى نكوِّن الصورة الحقيقية للمستوى الإداري في النادي، ولا يمكن أن نتجاهل رئيس نادٍ وفق هذا المنظور، كان يحقق نتائج إيجابيَّةً لفريق كرة القدم مقرونة بالبطولات ثم نجرِّده من مكتسباته عندما لا يحقق في سنةٍ من السنوات أيَّ منجزٍ في كرة القدم للفريق الأول. إنَّ معيار النجاح من عدمه في الرياضة السعودية مرتبطٌ بكرة القدم ..! حقيقةٌ واضحةٌ للعيان، بدليل أنَّه لن تجد مواطناً يغضب عندما لا يحقق منتخب كرة السلة أو الطائرة أو في مسابقات ألعاب القوى على سبيل المثال أيَّ نتائج إيجابية، حتى وإن تذيَّل التصنيف العالمي أو الإقليمي، لكنَّه سيغضب عندما يُهزم منتخب بلده في أيِّ مباراةٍ في كرة القدم، حتى لو كانت الهزيمة أمام منتخبٍ يتفوَّق في التصنيف الدولي على منتخبنا. وفي تصوّري: إنَّ من الأسباب المباشرة التي أدَّت لتدني المستوى الرياضي بشكلٍ عامٍّ هو الفكر الإداري السائد، وطالما نحن نسير في هذا الاتجاه وبهذه الثقافة لن يحدث أيُّ تقدّمٍ إيجابيٍّ يجعل الرياضة السعودية تتقدَّم في كلِّ التصنيفات الدوليَّة لكلِّ الألعاب الأولمبية. فمعيار النجاح لأيِّ إدارةٍ يجب أن يخضع لأسسٍ علميةٍ صحيحةٍ، إنَّ النجاح في تحقيق البطولات على صعيد كرة القدم ليس بالنجاح المبهر، النجاح الحقيقي في الشمولية، بمعنى ما حققه النادي على كافة المستويات الاقتصادية والفنية والاجتماعية. ودمتم بخير...... سلطان الزايدي zaidi161@تويتر

ليست هناك تعليقات:

في النصر (القرار الأخطر)

      بعد السلام في النصر (القرار الأخطر)     ربما يكون تصريح الم...